التخطي إلى المحتوى


06:00 م


الجمعة 27 مايو 2022


المزيد من المشاركات

كتبت – آمال سامي:

“يا محمد، والله ما كان على وجه الأرض أبغض إلي من وجهك، وقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي، والله ما كان دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينك أحب الدين كله إلي…” بهذه الكلمات أعلن ثمامة بن أثال إسلامه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سيد أهل اليمامة، كان قد أسره المسلمون في سرية محمد بن مسلمة، ولم يكن الصحابة يعرفونه، فجاءوا به وربطوه بسارية من سواري مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم..فكيف تعامل معه الرسول؟ وكيف يسلم؟

قصة إسلامه

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحسن معاملة الأسرى، وكان ثمامة سيد أهل اليمامة، فخرج ﺇﻟﻴﻪ اﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وآله ﻭﺳﻠﻢ-، ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻙ ﻳﺎ ﺛﻤﺎﻣﺔ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ﻋﻨﺪﻱ ﺧﻴﺮ ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ، ﺇﻥ ﺗﻘﺘﻠﻨﻲ ﺗﻘﺘﻞ ﺫا ﺩﻡ، ﻭﺇﻥ ﺗﻨﻌﻢ ﺗﻨﻌﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻛﺮ، ﻭﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺗﺮﻳﺪ اﻟﻤﺎﻝ ﻓﺴَﻞ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ، ﻓﺘﺮﻙ ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻥ اﻟﻐﺪ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻙ ﻳﺎ ﺛﻤﺎﻣﺔ؟ ﻗﺎﻝ: ﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻟﻚ: ﺇﻥ ﺗﻨﻌﻢ ﺗﻨﻌﻢ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻛﺮ، ﻓﺘﺮﻛﻪ ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﺪ اﻟﻐﺪ، ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻙ ﻳﺎ ﺛﻤﺎﻣﺔ؟ ﻓﻘﺎﻝ: ﻋﻨﺪﻱ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻟﻚ، ﻓﻘﺎﻝ: ﺃﻃﻠﻘﻮا ﺛﻤﺎﻣﺔ ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ ﺇﻟﻰ ﻧﺠﻞ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺠﺪ، ﻓﺎﻏﺘﺴﻞ ﺛﻢ ﺩﺧﻞ اﻟﻤﺴﺠﺪ.

وهنا قال ثمامة قولته الشهيرة فور إسلامه: ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ اﻟﻠﻪ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪًا ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ، ﻭاﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ اﻷﺭﺽ ﻭﺟﻪ ﺃﺑﻐﺾ ﺇﻟﻲّ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﻚ، ﻓﻘﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﻭﺟﻬﻚ ﺃﺣﺐ اﻟﻮﺟﻮﻩ ﺇﻟﻲّ، ﻭاﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺩﻳﻦ ﺃﺑﻐﺾ ﺇﻟﻲّ ﻣﻦ ﺩﻳﻨﻚ، ﻓﺄﺻﺒﺢ ﺩﻳﻨﻚ ﺃﺣﺐ اﻟﺪﻳﻦ ﺇﻟﻲّ، ﻭاﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ ﺃﺑﻐﺾ ﺇﻟﻲ ﻣﻦ ﺑﻠﺪﻙ، ﻓﺄﺻﺒﺢ ﺑﻠﺪﻙ ﺃﺣﺐ اﻟﺒﻼﺩ ﺇﻟﻲّ، ﻭﺇﻥ ﺧﻴﻠﻚ ﺃﺧﺬﺗﻨﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺭﻳﺪ اﻟﻌﻤﺮﺓ، ﻓﻤﺎﺫا ﺗﺮﻯ؟ ليبشره الرسول صلى الله عليه وسلم بالعمرة ويأذن له فيها، ويدخل ثمامة مكة ليؤدي العمرة، فكان أول من دخلها ملبيًا وكانت لا تزال تحت حكم قريش، وكان حول الكعبة الأصنام، فحين وصل مكة لبى بصوت عال: “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك” حتى سمعته قريش فقام إليه رجالها ليقتلونه، حتى وجدوه ثمامة، وحين أراد أحدهم قتله نهروه خوفًا من كونه ملكًا لليمامة، إذ كان قتله يقلب عليهم العرب، وحين سئلوه عما حدث به فقالوا أصبوت وتركت دينك ودين آبائك، فقال: ما صبوت ولكن اتبعت خير دين، اتبعت دين محمد.

ﻓﺒﺸﺮﻩ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وآله ﻭﺳﻠﻢ- ﻭﺃﻣﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﻤﺮ، فكان بذلك أول معتمر مسلم، ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺪﻡ ﻣﻜﺔ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﻗﺎﺋﻞ: ﺻﺒﻮﺕ، ﻗﺎﻝ: ﻻ، ﻭﻟﻜﻦ ﺃﺳﻠﻤﺖ ﻣﻊ ﻣﺤﻤﺪ ﺭﺳﻮل الله صلى الله عليه وسلم.

“ﻭاﻟﻠﻪ، ﻻ ﻳﺄﺗﻴﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﻴﻤﺎﻣﺔ ﺣﺒﺔ ﺣﻨﻄﺔ، ﺣﺘﻰ ﻳﺄﺫﻥ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﺒﻲ -ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وآله ﻭﺳﻠﻢ”..كان ثمامة أول من أتخذ موقف المقاطعة الإقتصادية من المسلمين تجاه قريش فور إعلانه إسلامه لهم، ونفذ فورًا ما اخبرهم أياه، فلم يرسل حبة واحدة إلى مكة حتى أذن له النبي، فيقول ابن حجر في فتح الباري: “زاد ابن هشام: ثم خرج إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئًا فكتبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، إنك تأمر بصلة الرحم، فكتب إلى ثمامة أن يخلي بينهم وبين الحمل إليهم”.

موقفه من ردة أهل اليمامة

حين أرتد أهل اليمامة عن الإسلام عقب وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهاهم عن اتباع مسيلمة وتصديقه، فيروى ابن عبد البر أنه قال لهم: إياكم وأمرا مظلما لا نور فيه وإنه لشقاء كتبه الله عز وجل على من أخذ به منكم وبلاء من لم يأخذ به منكم يا بني حنيفة فلما عصوه ورأى أنهم قد أصفقوا على اتباع مسيلمة عزم على مفارقتهم ومر العلاء أحمد بن الحضرمي ومن تبعه على جانب اليمامة فلما بلغه ذلك قال لأصحابه من المسلمين إني والله ما أرى أن أقيم مع هؤلاء مع ما قد أحدثوا وإن الله تعالى لضاربهم ببلية لا يقومون بها ولا يقعدون.

وهكذا تركهم ثمامة ورحل مع من كان على الإيمان من قومه، فشارك في قتال المرتدين من أهل البحرين، وكانت وفاته عقب حروب الردة إذ قتل في طريق عودته لليمامة، فذكر ابن اسحاق أنه كان يرتدي حلة كانت لكبير أهل البحرين، فرآها عليه الناس فظنوا أنه من قتله وسلبه فقتلوه.

رابط المصدر