الدبلوماسية الفرنسية تترجم موقفاً فرنسياً لا يزال على حاله منذ أسابيع، مبنياً على سلسلة من حلقات متشابكة: الانتخابات الرئاسية تساعد على تشجيع الاستقرار الداخلي، الذي يفترض أن يكون مبنيّاً على تعزيز الوضع الاقتصادي،إلا أن ذلك لا يتفق مع ما تراه القوى المعارضة في استعدادها للجلسة الثانية. فالقوى الأربع الأساسية، القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي والكتائب و«تجدد»، متمسكة بمرشحها النائب ميشال معوض، وهي لم تصل الى مرحلة التخلّي عنه مبكراً من أجل الوصول الى مرشح تسوية، علماً أنها بدأت منذ الجلسة الأولى تكثيف اتصالاتها مع النواب السنّة والتغييريين للوصول الى تفاهم على دعم مرشحها، لا الاتفاق على مرشح ثان كما تحاول مجموعة النواب التغييريين الضغط في اتجاهه.
ثمة تعويل على استقطاب أصوات نيابية سنّية من الآن وحتى يحين موعد الجلسة الثانية، وهذا الأمر رهن بنجاح الاتصالات مع قيادات معنية بتصويب معركة الانتخابات الى أكثر من مجرد جلسة انتخابية على غرار الجلسات الروتينية التي كانت تعقد في مرحلة عام 2014 وما تلاه. لكن العقدة الأساسية لا تزال تكمن في نجاح المشاورات مع النواب التغييريين، بعد الفصل المسرحي الذي قاموا به الأسبوع الفائت بترشيح رجل الأعمال سليم إده، رغم رفضه رفضاً باتاً زجّ اسمه في العمل السياسي. فما رشح أن هؤلاء مستمرون في مغامرة وضع أسماء لا توافق عليها الكتل الأخرى، علماً أن الكتل الأربع كانت في اتصالاتها معهم، قبل الاتفاق على اسم معوض، أعطت مجالاً للتوافق على مرشح واحد، لكنّهم أصرّوا على التصرّف أحادياً كما فعلوا في جلسة انتخاب نائب رئيس المجلس النيابي. وهذا الأمر لا يزال قائماً.
أما موقف القوى السياسية الأخرى من الموالاة فهو، حتى الآن، لا يزال يصب في الاتجاه نفسه، في عدم اختيار مرشح واحد لخوض المعركة به، بل تكرار سيناريو تحديد جلسات انتخابية من دون الوصول الى نتيجة تذكر، علماً أن موقف رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل المتمسك بالقاعدة التمثيلية لرئيس الجمهورية يقطع الطريق أمام أي محاولة للتفاهم على مرشحين توافقيين أو اختيار شخصية من حلفاء حزب الله لا تتمتع بصفة تمثيلية. ويقطع الطريق كذلك على كل احتمالات الخروج بتفاهم مبكر على رئيس الجمهورية والتسليم بأن الفراغ آتٍ، ولا سيّما أن ملف الترسيم سيدخل حزب الله في مكان آخر مختلف عن رئاسة الجمهورية.