التخطي إلى المحتوى

هل ما قاله وزير التربية والتعليم الدكتور رضا حجازي، أمام مجلس النواب، عن أنه بصدد إعداد قانوناً جديداً، لمنح رخصة مزاولة مهنة التدريس للمعلمين، وترخيص سناتر الدروس الخصوصية، ومنح المعلم الذي يقوم بالعمل فيها رخصة من قبل الحكومة …صحيح؟!

تكاد أذني لا تصدق ما سمعته ، ويرفضه عقلي ولا يستوعبه!!

هل ما قاله الوزير يعتبر بمثابة إعلان فشل الوزارة في القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية ، التي لا طالما أعلنت الحرب عليها على مدى عقود؟! أم أنه إقرار وتسليم بالأمر الواقع ، ورفع الراية البيضاء ؟!

هل ما قاله الوزير، يعتبر اعترافاً بفشل كل أدوات وآليات مواجهة سناتر الدروس الخصوصية ، بدءًا من حملات الغلق والتشميع ، وتوقيع العقوبات ، وتحصيل الغرامات ، وصولاً لبث وإذاعة برامج تعليمية فى الفضائيات، وإطلاق برامج أخرى عبر منصات إلكترونية، تحت مسميات براقة، لا حصر لها ، مثل منصة “ذاكر” ، “حصص مصر” ، “البث المباشر” ، “التعليم المصري” ….. وغيرها الكثير!!

هل بهذا القرار يوافق وزير التعليم على استمرار عملية استنزاف أولياء الأمور ، بسدادهم فاتورة سنوية – وفقا لتقديراته – قيمتها 47 مليار جنيه للدروس الخصوصية ؟! وهل يسعى الوزير لتقنين الدروس الخصوصية ؟! أم يسعى لتقنين الـ 47 مليار جنيه ، ويكون حاضراً فى قسمتها ، عملاً بقاعدة “من حضر القسمة فليقتسم”!!

كل قرار لابد وأن تسبقه دراسة متأنية … هل وزير التربية والتعليم أخضع هذا القرار للدراسة الكافية قبل أن يعلن عنه ؟!

الدكتور رضا حجازي قال إن الهدف من قراره ، هو السيطرة على سناتر الدروس الخصوصية والحد منها، وتأمين الطلاب بها ، وضمان المحتوى التعليمي ، ومنع استخدام وسائل غير تربوية ، ومعرفة من يقوم بالتدريس للطلاب!!

هل يعلم وزير التربية والتعليم، أنه لكى يحقق هذه الأهداف العظيمة ، فأنه اصبح مطالباً بتعيين جهازاً رقابياً ضخماً، يضم الآلاف من المفتشين والموظفين ، تكون مهمتهم مراقبة ومتابعة تلك السناتر ، والمرور الدوري عليها ، أينما وجِدت في مختلف قرى وأحياء ومدن ومراكز محافظات الجمهورية، بطولها وعرضها، وأن هذا الجهاز سيحتاج أموالاً ضخمة وإمكانات هائلة لتأسيسه، وذلك فىي الوقت الذى تشكو فيه الوزارة من عدم تَوَّفُر إعتمادات مالية كافية لتعيين مُعَلّمِين جُدُد لسد العجز الموجود لديها ، لدرجة أنها فتحت باب العمل التطوعي بدون أجر ، لخريجي كليات التربية، ومن يماثلهم من حملة المؤهلات الجامعية !!

هل حقاً أن هذا القرار يصب في مصلحة وزارة التربية والتعليم ، ويزيد من الإقبال على التطوع والعمل بدون أجر بالمدارس ، من جانب خريجي كليات التربية ، طمعاً في الحصول في نهاية المطاف على ترخيص مزاولة المهنة، للدرجة التي تجعل من التطوع شرطاً ضمنياً لحصول خريجى كليات التربية ، على “رخصة مدرس خصوصى”!!

أسئلة كثيرة فجّرها قرار الوزير ، وغير مفهوم على وجه التحديد الرسائل التي يريد إيصالها لأولياء الأمور والطلبة والمعلمين، وخريجي الكليات التربوية، والمجتمع بشكل عام … هل هى محاولة لإصلاح العملية التعليمية، ضمن رؤية شاملة، أم أنها غير ذلك ؟!

ما نريد أن نقوله لوزير التربية والتعليم – الذى وإن اختلفنا معه فإننا نكن له كل تقدير وإحترام ونثق في صدق نواياه – أنه لو تدبر جيداً في “مسمى” الحصص التي تقدمها الوزارة بالمدارس بعد إنتهاء اليوم الدراسى …وهو “مجموعات التقوية ” والتي أعاد تسميتها قبل أيام لتكون “مجموعات الدعم ” …أن هذا المسمى يحمل دلالاتٍ كثيرة ، وكاشف ومُشَّخِص للموقف …فالتقوية ومن بعدها الدعم تكون دائماً لمن يعاني من ضعف وخلل ، ونقص ، ويحتاج إلى تعويض وإشباع ، وهو ما كانت تحاول أن تفعله تلك المجموعات !!

ونفس الأمر – ووفقاً للُغة أهل الطب – فإن الدروس الخصوصية والسناتر ، هى عَرَضَ وليست مرضا ..والمرض الحقيقي هو عدم كفاية تحصيل الطلاب كماً وكيفاً للمقررات التعليمية داخل الفصول، ليجدوا أنفسهم مُجَبَرِين على تعويضها خارجها.

مفاد ذلك أن إصلاح العملية التعليمية ، يستوجب التعامل مع أمراضها وليس أعراضها ، وأن قيام الوزارة بما عليها من واجبات اتجاه أبنائنا داخل الفصول خلال اليوم الدراسي ، وضمان جودة المنظومة ، وكفاية التحصيل العلمى للمقرارات والمنهاج الدراسية ، سوف يؤدي تلقائياً للاستغناء عن مجموعات الدعم ومن قبلها الدروس الخصوصية والسناتر …وسيتم شطبهم جميعاً من قاموس حياة المصريين …وساعتها لن نحتاج إلى أى عمليات تقنين أو ترخيص ، أو غير ذلك !!