كتبت لينا يونس في “المركزية”:
في وقت تبدو الآفاق الرئاسية مسدودة محليا، وملبّدة بالغيوم الداكنة التي لا توحي بأي انفراجة قريبا، وُضع لبنان تحت المجهر دوليا، والاهتمامُ به سيتخذ من الآن فصاعدا، خاصة بعد وقوعه في الفراغ الرئاسي ومغادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قصر بعبدا في 31 الجاري، شكلا تصاعديا. بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، فإن هذه الرعاية لن تقود الى خرقٍ سريع في جدار الازمة السياسية المحلية، غير ان وظيفتها الاساس ستكون تأمين مرور فترة الشغور المرتقب بأقلّ الاثمان امنيا واقتصاديا أولا، والإعداد ثانيا، على نار خفيفة، لتسويةٍ ما، تتيح انتخاب رئيس للجمهورية ولو بعد حين.
الناشطة الابرز على هذه الضفة، هي فرنسا، وهي تُعتبر لولب الحركة الدولية اللبنانية. امس، إجتمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي مع سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو التي قالت بعد اللقاء: استعرضنا خلال اللقاء اللمسات الأخيرة على اتفاق ترسيم الحدود، وتناولنا الأوضاع الاقتصادية والمالية والحاجة الملحة لتنفيذ الإصلاحات وضرورة السير قدما في وضع اتفاق مع صندوق النقد الدولي. كما ناقشنا الاستحقاقات الدستورية المقبلة التي تؤمن حسن سير المؤسسات.” وردا على سؤال عن وجود مشاورات فرنسية – سعودية لانتخاب رئيس للجمهورية قالت “لدينا حوار مع المملكة العربية السعودية في شأن مواضيع عديدة”.
بالتزامن، يحضر الملف اللبناني في جعبة الفرنسيين اينما حلّوا. في الساعات الماضية هو كان مدار بحث بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والبابا فرنسيس في الفاتيكان. اما في الاسابيع المقبلة، فسيحمله ماكرون في أوراقه، الى واشنطن، حيث يفترض ان يلتقي نظيره جو بايدن. الى ذلك، فان التنسيق الفرنسي – السعودي حول القضايا اللبنانية، لا ينقطع. نهاية الاسبوع الماضي، زار السفير السعودي في لبنان وليد البخاري باريس حيث ناقش مع مضيفيه الواقع اللبناني.
والى اهتمام هذه العواصم الكبرى كلّها، هناك ايضا اهتمام اممي بلبنان. في الويك اند، أفادت وزارة الخارجية السعودية بأنّ “وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير، التقى المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا”. وأكدت أنه جرى خلال اللقاء، استعراض آفاق التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات والتطورات في لبنان، والجهود الدولية المبذولة في هذا الشأن”. وفي وقت سابق، ذكرت وزارة الخارجية السعودية أنّ “نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، التقى المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، واستعرضا أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، بالإضافة لبحث التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.
ووفق المصادر، تنسّق القوى الدولية هذه المواقفَ، وتحاول راهنا بلورة خريطة طريق تقود الى إخراج لبنان من أزمته، وهذه الخطة تتخذ من البيان الثلاثي الاميركي – الفرنسي – السعودي، مُنطلقا وحجرَ زاوية، بعيدا من اي تلاعب مرفوض، خاصة سعوديّا، بالنظام اللبناني وتوازناته وباتفاق الطائف.
انتخابُ رئيس بإرادة لبنانية، بات صعبا لا بل شبه مستحيل في ظل التموضعات النيابية الراهنة، وعلى الارجح فإن الفراغ سيستمر الى حين نضوج التسوية الخارجية. وتبقى معرفة كيف ستُقاربها الكتل النيابية، المعارِضة منها والموالية بقيادة حزب الله، في حال لم تكن على قدر تطلعاتها، تختم المصادر.