تمثل المجالس أهمية كبيرة للقطريين، لما عُرف عنها منذ القدم إتاحتها لعابري السبيل، فضلاً عن دورها في إثراء الحياة الاجتماعية، ما يجعلها بحقٍ مدارس تربوية وتعليمية، إذ لم تكن تغلق أبوابها في أي من فصول العام.
كما تعكس المجالس عادات وتقاليد أهل قطر، وفق ما يتصفون به من كرم الضيافة، ودورها التربوي، حيث هناك نوعان من المجالس، الأول: شتوي، والآخر: صيفي، لكل منهما خصوصيته، محققاً الهدف الكبير نفسه الذي يعمل عليه المجلس.
والمجالس تراث تناقلته الأجيال وحافظت عليه، ولم يتنقل شكل المبنى فقط بل طبيعة أهله أيضاً، وهو ما سيمثل فرصة لزوار وجماهير بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022، للتعرّف على كرم الضيافة والثقافة العربية ومواكبة العادات والتقاليد الأصيلة، فمجالس أهل قطر ترفع دائماً شعار «مرحباً بالجميع».
ويحافظ المجتمع القطري على العادات والتقاليد والقيم والمبادئ الراسخة التي توارثتها الأجيال والمتمثلة في الحياة العائلية وصفة القرابة التي تحدّد طريقة التواصل بين أفراد الأسرة والأقارب، خاصة فيما يتعلق بحقوق والتزامات كل شخص في المناسبات العائلية.
وتعكس المجالس القطرية التقليدية، القيم العربية والإسلامية، حيث يعد المجلس المقر الرئيسي للاجتماع بالضيوف والأصدقاء وأفراد العائلة مع مراعاة الفصل بين الجنسين، إذ اعتاد القطريون على الالتقاء في المجالس وتبادل الزيارات والتواجد فيها غالبية أوقاتهم، ويحرصون على اصطحاب أبنائهم إلى المجالس وحضور المناسبات، وذلك لتعلم العادات والتقاليد وتناقلها من جيل إلى آخر، معتبرين المجالس مدارس، فيها نشأوا، ونشأ من قبلهم الآباء والأجداد، وفيها يلتقون لتبادل الأحاديث وإقامة المناسبات، إذ جرت العادة أن تفتح مجالس أهل قطر أبوابها في كل وقت، خاصة عقب صلاة العصر إلى ما بعد صلاة العشاء.
واشتهرت المجالس القطرية بتصاميمها الرائعة التي لا تخلو من البصمة التراثية، حيث يحتوي كل مجلس على جانب من موروث الآباء والأجداد، حرصاً على إبقاء ووجود جانب من رمزيات التراث القطري حاضرة في المجالس، فإمّا أن تجد دلال القهوة مصطفة ومعروضة بشكل جمالي في رمزية لكرم الضيافة، وإما أن تجد ديكورات المجالس ذات طابع تراثي، أو تجد السيوف التي تعتبر جزءاً من التراث القطري الأصيل وتحمل معاني الاعتزاز والفخر والشجاعة.
ونظراً لقيمته الحضارية، أجازت اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» بدورتها العاشرة في «ويندهوك»عاصمة ناميبيا في شهر ديسمبر 2015، ملفي «المجلس والقهوة العربية»، وتم إدراجهما رسمياً في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي.
وقدَّم هذين الملفين 4 دول هي: قطر والسعودية وسلطنة عُمان والإمارات، وبذلت دولة قطر ممثلة في وزارة الثقافة، بالتعاون مع وزارات الثقافة في الدول المشاركة، جهوداً كبيرة لاعتماد الملفين لحفظ عنصرين من أهم عناصر التراث الثقافي القطري وهما: عنصر «المجلس القطري» ودوره البارز والمميز في الثقافة القطرية، و«عنصر القهوة» التي تمثل رمز الكرم والضيافة القطرية المميزة في مختلف المناسبات.
شاهد أيضاً
بنقوش القوارب وآثار الأقدام وحفره المستديرة ورموزه وعلاماته الغامضة، يجسد موقع الجساسية أحد أهم المواقع …
التعليقات